الرجل الذئب على طراز "دراكولا" مصاص الدماء الرهيب و"فرانكشتين" الوحش الآدمي الذي يبعث من قبره ليتجول ليلا بكفنه الرهيب ليصطاد ضحاياه.. تطرق العديد من المؤلفين والسينمائيين إلى شخصية مرعبة أخرى هي الرجل الذئب التي كان أول من كتب عنها "كيرت سيودماك" عام 1941... إنه ذلك الشخص الذي يتحول في ليلة يكتمل فيها ضوء القمر إلى ذئب في حجم الإنسان, يعيث في الأرض فسادا ليلة كاملة إلى أن يغيب القمر ويستمر مسلسل الرعب في كل 3 ليال يكتمل فيها ضوء القمر.
من أين نشأت أسطورة الرجل الذئب وكيف؟؟؟
في رومانيا تتحدث الأسطورة عن عائلة "كورفينيوس" وأبنائه الثلاثة أحدهم عضه الخفاش فتحول إلى مصاص دماء والآخر عضه الذئب فأصبح مذءوبا والأخير حكم عليه أن يمضي وحيدا في طريق الفانين.
أما في ترانسلفانيا يقال إنها نشأت من أسرة اسمها "سخاروزان", عائلة إقطاعية منذ القرون الوسطى حكمت البلاد بالحديد والنار إلى أن أصابت اللعنة نسلهم، حيث يولد أطفالهم مذءوبين، وبعدها يتحولون إلى مسوخ ذئاب تنقل العدوى لكل من تعضه وتصيبه باللعنة..
والرجل الذئب كما شاهدناه عبر الشاشتين الكبيرة والصغيرة ربما يكون رجل أعمال وسيما وناجحا يقضي نهاره بين المكاتب والبنوك.. أما ليله فيقضيه متنقلا بين كازينوهات القمار والنوادي الليلية... ولكن وما أن يكتمل القمر بدرا... حتى يتحول هذا "الجنتلمان" إلى رجل ذئب، حيث تتغير ملامح وجهه وتظهر أنياب له... ويغطي الشعر الغزير رأسه وخديه وسائر أنحاء جسمه ليتحول إلى وحش قد يفترس أعز الناس إلى قلبه... زوجته أو ابنته أو ابنه أو حبيبته أو صديقه... وعندما يعود "الرجل الذئب" مع بزوغ الفجر إلى صورته الآدمية، ينسى ما كان قد فعله ليلا. "هذه الحالة تكون أشبه بمرض "الشيزوفرينيا" انفصام الشخصية، وتذكرنا هذه الشخصية بـ"دكتور جيكل ومستر هايد"...!!
أسطورة أم حقيقة
وبعيدا عن أجواء السينما التي ربما يعتقد البعض أنها تبالغ بشأن الوحوش الآدمية.. خاصة فيما يتعلق بأسلوب عرضها... فقد تضاربت الآراء والروايات حول شخصية الرجل الذئب وهل هي حقيقة أم مجرد أسطورة مرعبة شأنها في ذلك شأن شخصيات أخرى لا وجود لها أصلا إلا في خيال المؤلفين وصناع السينما.
ولكن هناك العديد من الروايات التي تؤكد أن البعض رأى الرجل الذئب أكثر من مرة, ومن هذه الروايات:
في عام 1976 بث التلفزيون البريطاني "بي. بي. سي" مقابلة مع أفراد عائلة "روبسون" التي تقيم في قرية "هكسهام"، حيث أجمعوا على أنهم عثروا في نهاية العام 1975 على آثار قدمين كبيرتين اعتقدوا لأول وهلة أنها ربما تكون لأحد الجيران، ولكن وذات ليلة -كما تقول السيدة "روبسون" "الأم"- أنها وبينما كانت تتفقد طفلتها التي تنام وحيدة في غرفة مجاورة في المنزل، لمحت من خلف الزجاج رجلا كث شعر الرأس وبأنياب ولكنه سرعان ما اختفى فعادت إلى غرفتها حيث أيقظت زوجها الذي هب متسلحا ببندقية وانطلق إلى الحديقة يبحث عن ذلك "الوحش الآدمي" الذي رأته زوجته... ولكن دون جدوى.
وفي رواية أخرى... قالت إحدى القرويات التي تسكن في "ساوثمبتون" إنها استيقظت ذات ليلة اكتمل بدرها على أصوات جلبة في حديقتها.. فظنت لأول وهلة أن لصا ما يحاول السطو على منزلها الذي تقيم فيه بمفردها بعد أن توفي زوجها... وبعد أن تسلحت بمسدس، فتحت النافذة وأضاءت المصابيح الخارجية فماذا رأت؟؟؟ تقول هذه الأرملة وتدعى "كاتي سبرتجفيلد" "لقد شاهدت أمامي رجلا يبلغ طوله نحو ستة أقدام... نصفه العلوي ذئب والسفلي بشري... وما أن وقع بصره عليّ حتى أخذ يطلق.."عواء" مدويا... جعلني أرتجف رعبا، وهنا أطلقت رصاصة باتجاهه وأعتقد أنني أصبته في كتفه أو عنقه لا أدري، وقد اتجه هذا "الوحش" إلى سور الحديقة الخشبي فحطمه بيديه وتوارى عن الأنظار.
وفي ألمانيا الغربية "سابقا" ترددت روايات عديدة لشهود عيان أقسموا إنهم شاهدوا "الرجل الذئب" وجها لوجه... فقد سمع سكان في قرية "ويتليخ" الواقعة قرب قاعدة عسكرية ذات ليلة اكتمل بدرها... أصوات صفارات الإنذار التي انطلقت وبشكل أوتوماتيكي محذرة من عملية اقتحام للسياج المحيط بالقاعدة، وهنا انطلق الجنود بأسلحتهم وكلابهم المدربة من ثكناتهم وأضيئت الكشافات حيث روى الجنود للقرويين في وقت لاحق أنهم شاهدوا حيوانا ضخم الجثة يسير على قدمين آدميتين قرب السياج، وأكدوا أنهم شاهدوا ملامح هذا الحيوان "بوضوح"، ولكنهم كانوا في حيرة من أمرهم... فقد كان وجهه ورقبته وصدره العاري يغطى بالشعر الغزير، وقد كشر عن أنيابه كما لو كان "ذئبا"، أما طوله فيتراوح بين سبعة وثمانية أقدام، فترددوا في إطلاق النار عليه وأرادوا الإمساك به حيا باعتباره ظاهرة غريبة تستحق الدراسة... وهنا استعانوا بأحد الكلاب التي أطلقوها باتجاهه... انطلق الكلب في أثر "الرجل الذئب" في البراري المحيطة وبعد مضي دقائق سمع الجنود صوت الكلب وهو يطلق عواء رهيبا... فاتجهوا نحو الصوت ليجدوه وقد مزق جسده إلى أشلاء.. أما "الرجل الذئب" فقد اختفى.
لا دخان بلا نار
من وجهة النظر العلمية هذه الأسطورة حقيقة أكدتها العلوم الطبية والتاريخية..... ولا مكان للخيال فيها، عدا بعض الإضافات البسيطة التي أضافها مخرجو الأفلام السينمائية، بأن الرجل يتحول إلى ذئب كامل الشعر في الليل ويمشي على أربعة قوائم، وتلك فقط إضافات في الأفلام السينمائية.. ولكنه في الحقيقة يختلف.
ولو بحثنا في المعاجم الطبية سوف نجد مرضا نادرا للغاية يسمى بورفيريا porphyria وهو عبارة عن مرض عضوي شديد الندرة قابل للتوارث.. ينجم عن اختلال تمثيل الحديد في الجسم.. ومن أعراض هذا المرض المغص.. والبول الأسود.. ويصبح المريض بعد ذلك شديد الشحوب.. بارز الأنياب.. وفي حالات نادرة جداً تستطيل الأظفار ويتجعد الجلد وتصير الحواجب كثيفة والشفاه مشققة والعينان حمراوين ويزداد الشحوب إلى درجة مريعة ويفقد المريض عقله تماما.. إلى درجة أنه يبدأ بالعواء حين يرى القمر.. حيث يسيطر عليه شعور بأنه ذئب.. وأخيراً وليس آخرا.. لا يستطيع المريض تحمل أشعة الشمس.. الأمر الذي يجعله يختفي تماما في النهار ولا يخرج إلا ليلا.. أي باختصار.. يتحول المريض إلى ذئب بشري.. والاسم اللاتيني لهذا المرض هو (لايكا أنثروبي).. أي حالة التصور الذئبي.
وقد اكتشف هذا المرض الغريب الطبيب اليوناني "مارسليوس سايدي" في القرون الوسطى.. وقد أجرى بعض الأطباء العرب الذين لهم وزنهم مثل "ابن سينا" و"الزهراوي" دراسات مكثفة عن هذا المرض.. وأسموه بداء (القطرب).. ولو بحثنا في كتب التاريخ.. لوجدناها مليئة بحوادث قتل كان سببها رجال تحولوا إلى ذئاب..
وأبرز ضحايا هذا المرض على الإطلاق هو ملك بريطانيا "جورج الثالث" الذي حكم بلاده لمدة ستين عاما.. إلى أن بدأت تظهر عليه أعراض المرض.. وبدأ سلوكه يتسم بسمات حيوانية همجية بحتة.. مما جعل ابنه "ريجنت" يستلم زمام الحكم منذ عام 1811م إلى 1821م.. ولكن هذا لم يكن كافياً.. فقد ثار الناس في أمريكا الشمالية -وكانت عبارة عن مستعمرات بريطانية-.. وطالبوا بالاستقلال عن بريطانيا وعن ملكها الحيوان الهمجي -كما وصفوه- إلى أن نالت تلك المستعمرات استقلالها بالفعل.. لذا نستطيع القول بلا مبالغة إن أمريكا كانت ستظل مستعمرة بريطانية إلى يومنا هذا.. لولا أسطورة الرجل الذئب.
ولكن.. ما سبب الإصابة باختلال تمثيل الحديد بالجسم الذي يؤدي بدوره إلى الإصابة بهذا المرض الغريب؟
في الواقع أن الطب لم يتوصل إلى الإجابة الشافية على هذا السؤال حتى الآن.. لقد رجح بعض العلماء أن سبب الإصابة بهذا المرض هو عضة ذئب مسعور.. وقال البعض الآخر إن السبب هو أكل بعض أنواع فطر عش الغراب السام.. إلا أن جميع تلك الاستنتاجات تفتقر إلى الدليل القاطع.. فالمشكلة الرئيسية في ذلك المرض هي أن الغالبية العظمى من الأطباء لا يعرفون عنه شيئا بسبب ندرته الشديدة.. لذا فالأبحاث التي أجريت عنه قليلة جداً.
ودلوقتي.... أكيد لما هنشوف أي فيلم بيتكلم عن الرجل الذئب لازم هنفتكر المرض الغريب ده اللي بيخلي المصابين به يتحولون إلى ذئاب بشرية.... وإلى شاحبين... عند اكتمال القمر بدرا.